حارة صحم
اهلا بــــــــك فــــــــي منتـدى الريـم العربـــي الـــعام

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

حارة صحم
اهلا بــــــــك فــــــــي منتـدى الريـم العربـــي الـــعام
حارة صحم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Saham lane


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

حاول أنـ تقــرأهـــا دونـ أنـ تبكـي

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

حسين

حسين
المديــــــــر العــــــــام للمنتـــــدى
المديــــــــر العــــــــام للمنتـــــدى

حاول أنـ تقــرأهـــا دونـ أنـ تبكـي



هذه القصـه للعبـره

لم أكنـ جاوزتـ الثلاثينـ حينـ أنجبتـ زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلتـ أذكر تلكـ الليلة .. بقيتـ إلى آخر الليل معـ الشّلة في إحدى الاستراحاتـ .. كانتـ سهرة مليئة بالكلامـ الفارغـ .. بل بالغيبة والتعليقاتـ المحرمة... كنتـ أنا الذي أتولى في الغالبـ إضحاكهمـ .. وغيبة الناسـ .. وهمـ يضحكونـ .
أذكر ليلتها أنّي أضحكتهمـ كثيراً.. كنتـ أمتلكـ موهبة عجيبة في التقليد .. بإمكاني تغيير نبرة صوتـِ حتى تصبحـ قريبة منـ الشخصـ الذي أسخر منه .. أجل كنتـ أسخر منـ هذا وذاكـ .. لمـ يسلمـ أحد منّـِ أحد حتى أصحابـِ .. صار بعضـ الناسـ يتجنّبنيـِ كي يسلمـ منـ لسانـِ .
أذكر أنـِ تلكـ الليلة سخرتـ منـ أعمى رأيته يتسوّل في السّوقـ ... والأدهى أنّـِ وضعتـ قدمـِ أمامه فتعثّر وسقط يتلفتـ برأسه لا يدري ما يقول .. وإنطلقتـ ضحكتـِ تدوي في السّوقـ ..
عدتـ إلى بيتـِ متأخراً كالعادة .. وجدتـ زوجتيـِ في إنتظاري.. كانتـ في حالة يرثى لها.. قالتـ بصوتـ متهدجـ : راشد.. أيـنـ كنتَـ ؟
قلتـ ساخراً : في المريخـ .. عند أصحابـِ بالطبعـ ..
كانـ الإعياء ظاهراً عليها.. قالتـ والعبرة تخنقها : راشد... أنا تعبة جداً .. الظاهر أنـ موعد ولادتيـِ صار وشيكا ..
سقطتـ دمعة صامته على خدها.. أحسستـ أنّـِ أهملتـ زوجتي.. كانـ المفروضـ أنـ أهتمـ بها وأقلّل منـ سهراتيـِ .. خاصة أنّها في شهرها التاسعـ .
حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلتـ غرفة الولادة .. جعلتـ تقاسي الآلامـ ساعاتـ طوال.. كنتـ أنتظر ولادتها بفارغـ الصبر.. تعسرتـ ولادتها .. فأنتظرتـ طويلاً حتى تعبتـ .. فذهبتـ إلى البيتـ وتركتـ رقمـ هاتفي عندهمـ ليبشرونيـِ .

بعد ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدومـ سالمـ ذهبتـ إلى المستشفى فوراً.. أول ما رأوني أسأل عنـ غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفتـ على ولادة زوجتي .
صرختُـ بهمـ : أيُّ طبيبة ؟! المهمـ أنـ أرى إبنـِ سالمـ .
قالوا، أولاً راجعـ الطبيبة ..
دخلتـ على الطبيبة.. كلمتنيـِ عنـ المصائبـ .. والرضى بالأقدار .. ثمـ قالتـ: ولدكـ به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!
خفضتـ رأسي.. وأنا أدافعـ عبراتي .. تذكّرتـ ذاكـ المتسوّل الأعمى الذي دفعته في السوقـ وأضحكتـ عليه الناس .
سبحانـ الله كما تدينـ تدانـ ! بقيتـ واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثمـ تذكرتـ زوجتي وولدي .. فشكرتـ الطبيبة على لطفها ومضيتـ لأرى زوجتي ..
لم تحزنـ زوجتي.. كانتـ مؤمنة بقضاء الله.. راضية. طالما نصحتني أنـ أكفـ عنـ الإستهزاء بالناسـ .. كانتـ تردد دائماً، لا تغتبـ الناسـ ..
خرجنا منـ المستشفى، وخرجـ سالمـ معنا. في الحقيقة، لمـ أكنـ أهتمـ به كثيراً. أعتبرته غير موجود في المنزل. حينـ يشتد بكاؤه أهربـ إلى الصالة لأنامـ فيها . كانتـ زوجتي تهتمـ به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلمـ أكنـ أكرهه، لكني لمـ أستطعـ أنـ أحبّه !

كبر سالمـ .. بدأ يحبو .. كانتـ حبوته غريبة.. قاربـ عمره السنة فبدأ يحاول المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرجـ . أصبحـ ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبتـ زوجتي بعده عمر وخالداً .
مرّتـ السنواتـ وكبر سالمـ ، وكبر أخواه. كنتـ لا أحبـ الجلوسـ في البيتـ . دائماً معـ أصحابـِ. في الحقيقة كنتـ كاللعبة في أيديهمـ ..
لمـ تيأسـ زوجتي منـ إصلاحـِ. كانتـ تدعو لي دائماً بالهداية. لمـ تغضبـ منـ تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانتـ تحزنـ كثيراً إذا رأتـ إهمالي لسالمـ وإهتمامـِ بباقي إخوته .
كبر سالمـ وكبُر معه همي. لمـ أمانعـ حينـ طلبتـ زوجتي تسجيله في أحدى المدارسـ الخاصة بالمعاقينـ. لمـ أكنـ أحسـ بمرور السنواتـ. أيّامـِ سواء .. عمل ونومـ وطعامـ وسهر .
في يوم جمعة، استيقظتـ الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقتـ مبكراً بالنسبة لي. كنتـ مدعواً إلى وليمة . لبستـ وتعطّرتـ وهممتـ بالخروجـ. مررتـ بصالة المنزل فأستوقفني منظر سالمـ . كانـ يبكي بحرقة !
إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالمـ يبكيـِ منذ كانـ طفلاً. عشر سنواتـ مضتـ، لمـ ألتفتـ إليه. حاولتـ أنـ أتجاهله فلمـ أحتمل. كنتـ أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة. التفتـ ... ثمـ اقتربتـ منه. قلتـ: سالمـ! لماذا تبكيـِ ؟ !
حينـ سمعـ صوتـِ توقّفـ عنـ البكاء. فلما شعر بقربيـِ ، بدأ يتحسّسـ ما حوله بيديه الصغيرتينـ. ما بِه يا ترى؟! اكتشفتـ أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول: الآنـ أحسستـ بيـِ . أينـ أنتـ منذ عشر سنواتـ ؟! تبعته ... كانـ قد دخل غرفته. رفضـ أنـ يخبرنيـِ في البداية سببـ بكائه . حاولتـ التلطفـ معه .. بدأ سالمـ يبينـ سببـ بكائه، وأنا أستمعـ إليه وأنتفضـ .
أتدري ما السببـ!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي إعتاد أنـ يوصله إلى المسجد. ولأنها صـلاة جمعة، خافـ ألاّ يجد مكاناً في الصفـ الأوّل. نادى عمر.. ونادى والدته.. ولكنـ لا مجيبـ .. فبكى .
أخذتـ أنظر إلى الدموعـ تتسربـ منـ عينيه المكفوفتينـ. لمـ أستطعـ أنـ أتحمل بقية كلامه. وضعتـ يدي على فمه وقلتـ: لذلكـ بكيتـ يا سالم ـ!!..
قال: نعمـ ..
نسيتـ أصحابيـِ ، ونسيتـ الوليمة وقلتـ: سالمـ لا تحزنـ. هل تعلمـ منـ سيذهبـ بكـ اليومـ إلى المسجد؟
قال: أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً ..
قلتـ: لا .. بل أنا سأذهبـ بكـ ..
دهشـ سالمـ .. لمـ يصدّقـ. ظنّـ أنّـِ أسخر منه. إستعبر ثمـ بكى. مسحتـ دموعه بيدي وأمسكتـ يده. أردتـ أنـ أوصله بالسيّارة. رفضـ قائلاً: المسجد قريبـ ... أريد أنـ أخطو إلى المسجد - إي والله قال لي ذلكـ .
لا أذكر متى كانتـ آخر مرّة دخلتـ فيها المسجد، لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوفـ والنّدمـ على ما فرّطته طوال السنواتـ الماضية. كانـ المسجد مليئاً بالمصلّينـ، إلاّ أنّي وجدتـ لسالمـ مكاناً في الصفـ الأوّل. إستمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبيـِ ... بل في الحقيقة أنا صليتـ بجانبه ..
بعد إنتهاء الصلاة طلبـ منّي سالمـ مصحفاً. إستغربتـ!! كيفـ سيقرأ وهو أعمى؟ كدتـ أنـ أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً منـ جرحـ مشاعره. ناولته المصحفـ ... طلبـ منّيـِ أنـ أفتحـ المصحف على سورة الكهفـ. أخذتـ أقلبـ الصفحاتـ تارة وأنظر في الفهرسـ تارة .. حتى وجدتها .
أخذ مني المصحفـ ثمـ وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة ... وعيناه مغمضتانـ ... يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهفـ كاملة !!
خجلتـ منـ نفسي. أمسكتـ مصحفاً ... أحسستـ برعشة في أوصالي... قرأتـ وقرأتـ.. دعوتـ الله أن يغفر لي ويهديني. لمـ أستطعـ الاحتمال ... فبدأتـ أبكي كالأطفال. كانـ بعضـ الناسـ لا يزال في المسجد يصلي السنة ... خجلتـ منهمـ فحاولتـ أنـ أكتمـ بكائي. تحول البكاء إلى نشيجـ وشهيقـ ...
لمـ أشعر إلا ّ بيد صغيرة تتلمسـ وجهي ثمـ تمسحـ عنّي دموعي. إنه سالمـ !! ضممته إلى صدري... نظرتـ إليه. قلتـ في نفسيـِ ... لستـ أنتـ الأعمى بل أنا الأعمى، حينـ انسقتـ وراء فساقـ يجروننيـِ إلى النار .
عدنا إلى المنزل. كانتـ زوجتي قلقة كثيراً على سالمـ ، لكنـ قلقها تحوّل إلى دموعـ حينـ علمتـ أنّـِ صلّيتـ الجمعة معـ سالمـ ..
منـ ذلكـ اليومـ لم تفتني صلاة جماعة في المسجد. هجرتـ رفقاء السوء .. وأصبحتـ لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقتـ طعمـ الإيمانـ معهمـ . عرفتـ منهمـ أشياء ألهتني عنها الدنيا. لمـ أفوّتـ حلقة ذكر أو صلاة الوتر. ختمتـ القرآنـ عدّة مرّاتـ في شهر. رطّبتـ لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي منـ النّاسـ . أحسستـ أنّي أكثر قرباً منـ أسرتي. اختفتـ نظراتـ الخوفـ والشفقة التي كانتـ تطل منـ عيونـ زوجتي. الابتسامة ما عادتـ تفارقـ وجه إبنـِ سالمـ . منـ يراه يظنّه ملكـ الدنيا وما فيها. حمدتـ الله كثيراً على نعمه .
ذاتـ يومـ ... قرر أصحابـِ الصالحونـ أنـ يتوجّهوا إلى أحدى المناطقـ البعيدة للدعوة. تردّدتـ في الذهابـ. استخرتـ الله واستشرتـ زوجتي. توقعتـ أنها سترفضـ... لكـنـ حدثـ العكسـ !
فرحتـ كثيراً، بل شجّعتني. فلقد كانتـ تراني في السابقـ أسافر دونـ استشارتها فسقاً وفجوراً .
توجهتـ إلى سالمـ . أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرينـ مودعاً ...
تغيّبتـ عنـ البيت ثلاثة أشهر ونصفـ، كنتـ خلال تلكـ الفترة أتصل كلّما سنحتـ لي الفرصة بزوجتي وأحدّثـ أبنائي. اشتقتـ إليهمـ كثيراً ... آآآه كمـ اشتقتـ إلى سالمـ !! تمنّيتـ سماعـ صوته... هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرتـ. إمّا أنـ يكونـ في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهمـ.
كلّما حدّثتـ زوجتي عنـ شوقـِ إليه، كانتـ تضحكـ فرحاً وبشراً، إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها. لمـ أسمعـ ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها ..
قلتـ لها: أبلغي سلامـِ لسالمـ ، فقالتـ: إن شاء الله ... وسكتتـ ...
أخيراً عدتـ إلى المنزل. طرقتـ البابـ . تمنّيتـ أنـ يفتحـ لي سالمـ ، لكنـ فوجئتـ بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة منـ عمره. حملته بينـ ذراعي وهو يصرخـ: بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبضـ صدري حينـ دخلتـ البيتـ .
استعذتـ بالله منـ الشيطان الرجيم ..
أقبلتـ إليّ زوجتي ... كانـ وجهها متغيراً. كأنها تتصنعـ الفرحـ .
تأمّلتها جيداً ثمـ سألتها: ما بكِـ؟
قالتـ: لا شيء .
فجأة تذكّرتـ سالماً فقلتـ .. أينـ سالمـ ؟
خفضتـ رأسها. لمـ تجبـ. سقطتـ دمعاتـ حارة على خديها ...
صرختـ بها ... سالمـ! أينـ سالمـ .. ؟
لمـ أسمع حينها سوى صوتـ إبنـِ خالد يقول بلغته : بابا ... ثالمـ لاحـ الجنّة ... عند الله ...
لم تتحمل زوجتي الموقفـ. أجهشتـ بالبكاء. كادتـ أنـ تسقط على الأرضـ، فخرجتـ منـ الغرفة .
عرفتـ بعدها أنـ سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعينـ فأخذته زوجتي إلى المستشفى .. فاشتدتـ عليه الحمى ولمـ تفارقه ... حينـ فارقتـ روحه جسده ..
إذا ضاقتـ عليكـ الأرضـ بما رحبتـ، وضاقتـ عليكـ نفسكـ بما حملتـ فاهتفـ ... يا الله
إذا بارتـ الحيل، وضاقتـ السبل، وانتهتـ الآمال، وتقطعتـ الحبال، نادي ... يا الله
لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
تحيـــاتيِـ
لصف

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى