نص الموضوع :
عُمان بلد يزخر بالعديد من الملامح العريقة والأصيلة ، التي تستوقف كل من يشاهدها للحظات طويلة ، يتأمل فيها عظمة التراث ، والتاريخ ، وعطاءات أبنائه ، وإرتيادهم لمختلف المهن الحرفية ، فضلاً عن إبداعاتهم الفنية والثقافية ، وإهتماماتهم المتعددة التي تعبر في صميمها عن الوجه الحضاري لعمان .
ومن هذا المنطلق يأتي الإهتمام بالخيل في السلطنة كوحدة من تلك الملامح التي يعتز بها العمانيون ، لما ترمز له الخيل من أصالة وإفتخار ، وقد ذكرها القرآن بقوله تعالى (والعاديات ضبحاً ، فالموريات قدحاً ، فالمغيرات صبحاً ، فأثرن به نقعاً ، فوسطن به جمعاً) سورة العاديات . فقد إشتهرت عُمان منذ القدم بتربية الخيول وتوليدها وإقتنائها والإعتناء بها مما كان لخيلها ، وهي عربية أصيلة ، صولات وجولات ، حيث يذكر أن أول ما إنتشر في العرب من الخيل هو المسمى (بزاد الراكب) . ففي كتاب (أنساب الخيل) للكلبي ، ذكر أن النبي سليمان عليه السلام ، أعطى الأزد من أهل عُمان ، فرساً من خيله ، هذا ما ذكره أيضاً المسعودي في (مروج الذهب) . وفي كتاب للشيخ سيف بن حمود البطاشي (إرشاد السائل إلى معرفة الاوائل) ، ذكر فيه بأن (زاد الراكب) هو أول فرس إستنتجه العرب ، ومنه أنجبت خيولها ، وهي أول ما إنتشر في العرب من أهل عُمان ، موضحاً أن من نسله جاء (الاعواج والوجيه وعراب ولاحق وسبل وأشقر مروان) وهي من فحول الخيل المشهورة .
ومن خلال تلك الخلفية التاريخية ، عن نسب الخيول ، يتضح جلياً أن العمانيين مولعون بتربية الخيل من زمن بعيد ، مما ساهم في تفننهم في أساليب تربية الخيل ، وترويضها وتدريبها على شتى أنواع السباقات ، ورياضات الفروسية المعروفة . يوجد بالسلطنة حوالي (2000) من الخيل تقريباً منها حوالي (350) من الخيول العربية الأصيلة و(150) من الخيول المهجنة الأصيلة و(1500) من الخيول العمانية الأصيلة .
وما يؤكد إعتزاز العماني بالخيل ، وتعلقه وولعه بها تلك الحلل التي توضع فوق صدر الفرس ، بالإضافة للصريمة الفضية التي توضع على الرأس ، والمعرقة التي توضع على ظهر الفرس ، واللمد الذي يكون تحت المعرقة ، ليمنع الإحتكاك إضافة للقلادة الفضية ، التي توضع على رقبة الفرس ، بالإضافة إلى اللجام .
وتعتبر سباقات الخيل من الرياضات المحببة عند العمانيين ، حيث تقام سباقات سنوية للخيول ، مثل سباق الخيل السنوي ، بالإسطبلات السلطانية وسباق الخيل بالولايات ، والذي يقام بإستمرار على مدار العام ، وخاصة في المناسبات الدينية ، والوطنية . ويمارس الفرسان العمانيون ، بجانب سباقات الصولجان ، وإلتقاط الأوتاد ، وسباق خيل العربات ، وقفز الحواجز ، والعرض ، والسير بالعربات .
ويولي صاحب الجلال السلطان قابوس المعظم هذا الجانب المتعلق بتربية الخيل والحفاظ على أصالتها ورياضة الفروسية إهتماماً فائقاً ، فقد تم أنشاء المديرية العامة للإسطبلات السلطانية التابعة لديوان البلاط السلطاني التي تقوم بالإشراف على تربية الخيل ، وتوليدها بالأساليب العملية ، وفقاً للمعايير العالمية ، بالأضافة لتأسيس نادي سباق الخيل السلطاني ، الذي يتولى مهمة الإشراف على تنظيم وتطوير فنون فروسية الخيل ، وتنظيم إقامة مهرجان الفروسية السلطاني الذي يقام كل خمس سنوات ، كما أنها تقوم بتوزيع بعض الخيول للمواطنين سنوياً ، خاصة فيمن يرى فيهم الإستعداد للإهتمام بالخيل هذا بالإضافة إلى السباق السلطاني السنوي ، الذي يقام تحت الرعاية السامية في ميدان نادي سباق الخيل السلطاني بمدينة العاديات ، المجهز تجهيزاً كاملاً للسباقات ، ويساهم الإتحاد العماني للفروسية والهجن بتنظيم السباقات المستمرة بهدف الحفاظ على هذا التراث الأصيل .
وتملك الإسطبلات السلطانية جل السلالات المعروفة في العالم ، من خيول السباق ، والإستعراض ، والقفز ، والصولجان ، والنشاطات الأخرى ، بالإضافة إلى أن تكون فرقة الخيالة هو إحياء لتراث الفروسية العماني ، وتشجيع لطرق الإمتطاء التقليدية ، التي تشمل ركض العرضة ، الحيروب ، والمهذاب والهمبل ، وغير ذلك من فنون الفروسية التقليدية . وبتوجيه من المقام السامي لصاحب الجلالة السلطان المعظم ، أنشئت دائرة توليد الخيول في صلالة ، حيث يتم التركيز على إنتاج أحسن السلالات خاصة العربية منها ، وتملك الإسطبلات السلطانية أعداداً كبيرة متنوعة ، من أحسن سلالات الخيل ، مثل العربي الأصيل والمؤصل مهجن (عربي/ إنجليزي) .
تتواجد الخيول بالإسطبلات السلطانية في كل من محافظة مسقط ، في مدينة العاديات ، وصافنات الأراك بالرميس ، وصافنات الساحل بالرميس ، مرابط الوطية . وفي محافظة ظفار في مرابط القادحات ومزرعة رزات . والإسطبلات السلطانية عضو نشط في المنظمة العالمية للخيول العربية الأصيلة (واهو) (w.a.h.o) وكذلك تتعامل مع الهيئة الأمريكية لتسجيل الخيول العربية الأصيلة (اهرا) (A.H.R.A) وغيرها من المنظمات الدولية .